(القصة من فم الراوي)
سأحكي لكم قصتي المحزنة، إنها قصة مأساة، قصة رددها اللسان طويلا وكتبها القلم مرارا، لذالك فأنتم تعرفونها، ولكني انقلبت إلى الوراء لأذكركم بقصتي المؤلمة :
في يوم كنت
غافلا عن كتاب الله، عاصيا لأوامره، كنت ألهو وألعب وأغتر بالحياة الدنيا، كنت أتمشى مع رفقاء السوء معتقدا أنهم يسلونني أو يستمتعون بصحبتي، ولكن لا لقد فات الأوان للندم والإعتذار فقد أفسدوني ليسرقوا مني أغلى ما أملك وهو حلاوة الإيمان،، أفسدوا هيئتي الخارجية والداخلية أيضا، فقد كتبوا في نفسي معتقدات لا أصل لها قالوا أن الصلاة لا تفيد وأنها فقط تأدية حركات ..
قالوا أن الصوم لا معنى له وأنك مخلوق كي تملئ معدتك بالطعام الهني ..
قالوا أن الزكاة ليست فرض .. قالوا وقالوا الكثير............
وعندما كنت أسمع صوت الأذان، يخشع قلبي له ولكن ... ولكن ماذا ؟!؟!! .... لقد كان رفقاء السوء يلاحقوني في كل أقوالي وأفعالي وحتى حركاتي البسيطة، كانوا ينهوني عن كل شيئ يرضي الله، كانوا أصدقاء سيئين ..! ولكني للأسف اعترفت بعد فوات الأوان ..
في يوم كنت أتمشى على رصيف أحد الشوارع وحيدا وكان بجانب هذا الشارع مســـجد ضخم كبير، تلتف حوله عددا كبيرا من السيرات الواقفة، أما أصحابها فقد كانوا يستعدون بلهفة وشوق وسعادة غامرة على وجوههم، يستعدون ويتهيؤون لشئ ما !! ترى ما هو ؟؟ ..... حاولت أن أتذكر ما قاله لنا أستاذ التربية الإسلامية أمس ولكن دون جدوى فقد كنت أتحدث مع زملائي عن موضوع سخيف ..! ليتني انتبهت إلى ماقاله المدرس ..!
سألت أحد المارة : إذا سمحت، كم التاريخ اليوم الهجري ؟
فأجابني مستغربا : تريد التاريخ الهجري فهو
1 / رمضان / 1422
عصف كلام هذا الرجل بقلبي، حين تذكرت أخيرا ما قاله المدرس .... اليوم هو اليوم الأول من شهر رمضان، اليوم تغير كل شئ في نفسي، انقلب كل شئ في قلبي .. وفي هذه الأثناء علا صوت الأذان الذي لم أسمع كلمات جميلة قبل هذا اليوم قط !! ياله من صوت رائع !!!! ...... يا لها من كلمات عذبة !!!! ... وبشعور لا إرادي غيرت طريقي واتجهت إلى هذا المسجد.........
حمدت الله لأنني لم أكن مع هؤلاء الرفاق السيئين .. فتحت باب المسجد وهممت بالدخول،، كان معلق على الباب دعاء دخول المسجد .. دخلت إليه ونسمات عليلة باردة حركت خصلات شعري المنسدلة على جبيني بل إنها حركت قلبي الصغير الذي كان ينتظر هذه التحية القلبية حين دخولي للمسجد.......
توجهت إلى الشيخ المؤذن أو الإمام هناك، كان يستند على كرسيه في أول الصف كان شيخا وقورا، يمسك في يده مسباحة جميلة ويسبح الله ! .....
سلمت عليه ورد علي التحية بأحسن منها .. سألته :
-- ياعم هنا تصلون التراويح ؟ تصلون صلاة الجمعة ؟ تصلون الصلوات الخمس ؟؟؟
-- نعم يا بني ..! ولكن لماذا تسأل ؟؟
-- أنا يا سيدي جئت إلى هنا عندك فقط لأقابلك وأحكي لك قصتي .
-- خيرا إن شاء الله ... !!! قل يا بني .
-- أنا يا عمي شاب عصى الله سنين طويلة، فهل من توبة تكفر عني هذه الآثام العظيمة التي ارتكبتها طيلة عمري،، فقد ضلني أصدقائي الطيبين الذين كنت احسبهم، ولكنهم سيئين، أشرار لقد ضلوني عن الذكر بعد إذ جائني، وكان أولهم الشيطان، كنت أتبعه وينصحني ولكن نصيحة الغير واثق من نفسه .. كان يسهل لي كل الطرق كي أعمل السيئات وأتلذ لذ بها وأعصي الله في كل مرة ..
فأنا الآن عزمت على التوبة والرجوع إلى الخالق الغفور، فهل من مكان إلى جوارك يسع قلبي الصغير بالجلوس فيه ؟؟!
-- بالتأكيد يا عزيزي،،، سمعت قصتك المؤلمة والإقرار على الرجوع والتوبة .. فاذهب فاتوضأ ثم ائتني إلى هنا ..
ففعلت ما أمر به الشيخ الفاضل، ثم توجهت إليه مرة أخرى وتذكرت تلك النسمة الرقيقة التي حركت شعري وقلبي معا وحركت في نفسي الشعور بالندم ..
علمني الشيخ كل شيئ عن الإسلام الصحيح، وتلاوة القرآن، ونصحني بدخول المعاهد الإسلامية في أي مدينة كي أتعلم العلوم الإسلامية وتجويد القرآن وحفظه.....
والتزمت بما أوصاني به الشيخ.. وبدأت في حفظ القرآن،،،،، ومرت سنين طويلة حتى رأيت اسمي منشورا في مجلة مع صورتي .. وقرأت تحتها، فلان بن فلان ... الذي ختم القرآن حفظا وتجويدا حصل على جائزة قدرها (---------) بالإضافة إلى مثوبة من الله ومغفرة منه وجنة عالية...
وأخيرا .......... وبعد أن سمعتم قصتي أحكموا عليها أنتم بأنفسكم ......
وأخيرا وليس آخرا ما عساي أن أقول :: ( الحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله )